رسالة إعتذار
في الأشهر الأخيرة من حياتي كتبتُ العديد من الرسائل، رسائل عتاب و غضب، و رسائل حب و إمتنان، و بالرغم من تباين محتواها و ما تطويه، إلا أن ما يميزها كلها أنها لم تُرسل أبدًا.
أدفنُها في ملفات هاتفي المحمول، أو في دفاتري حيث لن يجدها أحد. أعتقدُ أن السبب وراء ذلك أنه من الصعب جدًا لشخص مفرط الحساسية و شديد الخصوصية مثلي أن يشارك رسائله مع الآخريين.
أما عن هذه الرسالة، فهي رسالة إعتذار أشاركها معكم!
أمتلكُ طاقةً محدودة للتعامل مع البشر، تتضاءل كلما تقدم عمري، فمثلاً أُفضل إحتساء كوب من الشكولاتة الساخنة في غرفتي برفقة كتاب، أو فيلم وثائقي، علي الذهاب إلي مطعم فاخر يكتظ بالناس، و في الوقت نفسه أحبكم جدًا! لا يحجب قلبي عن العالم سوي غشاءه، لا أحب إستخدام طبقات من الإبتسامات المصطنعة، و الأحاديث السطحية حول قلبي لحمياته من شدة "حقيقيته" أمام زيف أغلب البشر لكي تمر الأيام و ُتقضي المصالح و ما إلي ذلك، لذلك بالرغم من حبي الشديد لكم، إلا أني أبحثُ دائمًا عن راحتي في أماكن هادئة أبطال القصة فيها كتب و دفاتر و ألوان و أفكار.
أعجزُ عن تقديم العديد من الأشياء التي يراها العالم في القرن الواحد و العشرين أساسية في أي علاقة، كتواصل مستمر، و نزه كثيرة في المولات التجارية، و جلسات طويلة في مطاعم فاخرة، و تصريح بالحب علي الطريقة المتحضرة.
لكني أعدكم أن كل ما أقدمه حقيقي، كجواب أكتبه و أخفيه حتي تدفعني شجاعتي المؤقتة إلي مشاركته، و حبٌ كلاسيكي مقترنٌ بأبيات شعر، و نزه في أماكن لا يزورها أحد، و قبول لا يشوبه أي رفض، و سعة قلب تحتوي كل من أحب.
في نهاية رسالة إعتذاري، أود أن أعلمكم أن قلبي رغم سعته يضيق عليّ أيامًا كثيرة فلا يحتملُني، و أريدُ أن أطلب منكم أن تعذروا فوضاويته، بأكوام الكتب و الرسائل و المشاعر التي يحملها، و أبوابه التي توصد في أحيان كثيرة، غير أن فيه باب سرّي، مفتوح لأحبتي دائمًا ما طرقوه، و هذا جزء من كونه حقيقي.
إعتذار لكل من بحث، و كل من سيبحث عني و لن يجدني في بعض الأحيان، لن أجيب دائمًا علي هاتفي و سأختفي لأيامٍ، و بالرغم من ذلك لا أسمي ذلك غيابًا، لأني أسكن قلوبكم، فيتحوّل وجودي إلي دفء و ذكريات عندما لا أكون في المحيط، أنا علي يقين دائم أن الناس يغيبون حقًا عندما ينساهم من يحبهم، و ما دون ذلك ظروف حياتية ليس لأحد يد فيها، لذلك أعلمُ أني في غيابي لا أغيب، و لا أغادر.
كانت هذه رسالة إعتذاري الأولي و السلام:)
Comments
Post a Comment